هلال وظلال
عبد المنعم هلال
تأديب بالكورة.. لا بالكلام
الهلال أقنع، أبدع، وأوجع.
قالوا إنهم حيغلبوا الهلال ويحرموه من بطاقة تمثيل السودان في دوري الأبطال..!
قالوا إن فريقهم مرعب وعنيد، وإن الهلال "حَمَل وديع"..!
قالوا إن "الموج الأزرق" بقى موية ساكت، وإن "الزعيم" جاي يبلّ شباكه بـ "كم قون"!
قالوا الهلال ما عنده محترفين عديلين، وإن التوليفة سايبة، وإن خالد بخيت ده ما مدرب ولا حاجة، وكان مندس ورا فلوران..!
قالوا كثير… قالوا وعادوا، وزادوا في الاستفزاز والتريقة، لدرجة ناس الهلال شكّوا إنهم داخلين على مقابلة مع ريال مدريد مش المريخ..!
ياخ الفوز ده ما عادي… دي ما كورة… دي كانت "رحلة ترفيهية" لجماهير الهلال، و"كابوس" لجماعة العرضة جنوب..!
ناس الهلال دخلوا الملعب وكأنهم جايين يحضروا عُرس مش مباراة قمة، وفعلاً عملوها "ليلة زرقاء" حفرت الشبكة أربع مرات… أربع مرات يا سادة..! وناس المريخ واقفين يتفرجوا كأنهم أول مرة يشوفوا كورة قدم..!
الهدف الأول دخل كأنه "السلام عليكم"... والتاني كأن الهلال في "تمرين"، أما التالت والرابع فكل واحد فيهم قصة! روفا شات الكورة من استاد الهلال في أم درمان دخلت شباك استاد دامر المجذوب... حي ووب؟!
خلاص... الجماعة قرروا يتفرغوا لـ"الإحصائيات": كم كورة دخلت؟ كم قون؟ كم لاعب مريخي راح ضحية للجَان؟ كم مشجع مرق قبل نهاية المباراة؟ كم إعلامي اختفى بعد الصافرة؟! وكم وكم..!
الحكم؟ الحكم يا جماعة كان متفرج رسمي... قاعد يتونس مع الكاميرا ويضحك... ولما لاعب مريخي ضرب لاعب هلالابي بالركبة في الضهر، الحكم قال ليه: "يا كابتن، دي كورة ما مصارعة!"
الجمهور؟ جمهور الهلال كان عامل حفلة... كل هدف ليه صرخة خاصة، و"طبل" مختلف، ورقصة منفصلة. أما جمهور المريخ… فبعضهم سأل: "ممكن نشجع الهلال الليلة عشان ما نبكي؟"
أما الصحفيين الحُمر؟ قبل المباراة قاموا من بدري يمجدوا في فريقهم ويقولوا: "الهلال ما حيقدر يتخطى المريخ بسهولة"... وفعلاً، ما اتخطاهم بسهولة... "دعسهم دعس"، و"فرمهم فرم"، و"فتكهم فتك"، و"مَتكهم مَتك"، وخلاهم يمشوا البيت بدون نفس..!
يا ناس... دي بطولة النخبة ولا مسرحية؟!
مدرب الهلال بعد نهاية المباراة قال ما داير يتكلم كتير… بس ابتسم وقال: "كفاية عليهم أربعة"!
أما مدرب المريخ فصرخ وقال: "يا لهوي! ده إيه اللي بيحصل؟!" ودخل المؤتمر الصحفي وهو شايل شنطة سفر، وقال: "أنا أصلاً كنت جاي مودّعكم"..! ويا قاهرة، جاك زول..!
حارس المريخ؟ والله يستاهل جائزة أفضل "مرشد سياحي للكرات"... كل ما تجي كورة يقول ليها: "اتفضلي، الشباك هناك، من غير ما أعرقلك الطريق"..!
دفاع المريخ؟ ياخ ديل ما مدافعين... ديل واقفين زي الصف في الطابور الصباحي منتظرين الهجمة الجاية..! واحد منهم، لمن دخل الهدف التالت، "بصّ" على المدرب وسأله: "يا بيه، دي كورة حقيقية ولا نحنا في بلاي ستيشن؟!" وعمك غريب قال ليه: "بتبص لي ليه؟ إلعب كورتك يا ابني!"
الهلال؟ ياخ ديل ما لاعبين... ديل فنانين تشكيليين! رسموا على المستطيل الأخضر لوحة من أربع أهداف، وعزفوا أحلى سيمفونية، وخلوا الحكم يستحي يصفر من جمال العرض..!
مدرب المريخ بعد القون الرابع طلع ورقة بيضاء ورفعها في وش الحكم... قلنا دي خطة جديدة؟ قال: "لا يا جماعة.. دي ورقة استقالة فورية... أنا مش حأقدر أشوف القون الخامس!"
ياخ ديربي شنو؟ ده كان درس عملي في فنون الكرة... الهلال قرر يفتح مدرسة جديدة: "كيف تمسح خصمك بـ شوال أهداف!"
فريق حارس مرماه "جمل"، ورأس الحربة "أسد"، وباقي اللاعبين "حملان"... دايرينه يغلب الهلال كيف؟!
فريق يدربه "غريب"، ويساعده "السيد"، ومدير الكرة فيه "قعفر"... لا يمكن يتفوق على فريق يقوده "البخيت" و"المهيمن"!
ناس الهلال قالوا لناس المريخ: تعالوا تاني... بس جيبوا معاكم كابتن مازنجر أو النينجا ترتلز، يمكن تعملوا حاجة..!
الهلال ما بس كسب المباراة، الهلال كسب احترام كل من شاف الكورة بعين العقل، لا بعين اللون.
الهلال كتب سطرًا جديدًا في كتاب القمة، سطرًا بالخط العريض: "كفاية لعب... ده وقت الجد!"
واللي كانوا بيشوفوا الهلال صغير، يشوفوا الشاشة من جديد... يشوفوا السكوت الأحمر بعد الأربعة... يشوفوا كيف الأسد الأزرق زأر وخلا الساحة ساكتة..!
الهلال كسر الحواجز، هد الجسور، وساق المريخ زي ما هو داير... مرة شمال، ومرة يمين، ومرات "جان كلود" يخلي المدافعين لافين ودايشين..!
والمرة الجاية... لو ناويين تدخلوا القمة، أدخلوها بعد ما تمحوا الأربعة من ذاكرتكم... إن قدرتم!
ترا كلمناكم...!
نقلا عن آكشن سبورت
0 التعليقات