عدد الزوار: 567,720

تابع آخر أخبار الرياضة من صحيفة أكشن سبورت – تغطية مباشرة وتحليلات مميزة لجميع البطولات المحلية والعالمية.

عندما يكون الاسم رباعيا ... هلال

الصورة

الزبير نايل
تناهى إلى سمعي من بعيد هديرٌ من أرض المجاذيب، حسِبته في البداية هديرَ النهر وهو يتهيأ في الدامر لانعطافته العظيمة..كان الصوت مزيجا بين صوت الأمواج فى فصل الخريف وبين أصوات المرتلين في خلاوى تلك المدينة ..
على هذه الأصوات كانت تُنسج وقائع اليوم التاريخي.. اليوم الذي أخرج الشعب السوداني من كهف أحزانه..كلٌ يغني على ليلاه.. قلوب وأنظار السودانيين بالداخل والخارج اتجهت لتلك البقعة وكأن فيها خلاص أرواحهم من رهق سنوات حربهم المشؤومه ..
لقاء الغريمين التاريخيين .. الهلال والمريخ .. وعند أهل السودان أن هذا اللقاء ليس مجرد مباراة، ولكنه ميثاق وطني يوقعه الجميع على اختلافهم ليكونوا لساعات تحت راية واحدة، راية الفرح ، يؤدون فيها طقسا من طقوس الحياة تعكس وجه الوطن كله.
شدت الدامر أعصابها منذ بواكير الصباح، ازدانت الطرقات بالألوان.. الأحمر يقف بشجاعة، والأزرق يتمايل بثقة.. والشعب المقسوم على فسطاطين بطيب خاطر، لا خصومة بينهما إلا على الشباك..
دخل الهلال الملعب لا كمن يدخل ميدانا للتبارى، بل كأنه يحمل في صدره ثأرا ويريد الوفاء بنذر قديم ، ويريدها حربا ضروسا لكنها تكتب بلغة الأهداف.. اندفعت كتيبة لاعبيه بهذه الروح وفي سمعها هتافات المريدين والعشاق تأتيهم من المدرجات ومن أغوار بعيدة من خلف البحار... وبين فينة وأخرى تلفحهم أنسام النجيل الأخضر من عرينهم في أم درمان.
منذ اللحظات الأولى انطلقت الكتيبة على العشب وكأن أقدامها تعرف وحدها الطريق لبلوغ ذرى المجد.. توالت الهجمات وتعالت الصيحات. ضربة أولى أسكتت الطبول الحمراء، وثانية زلزلت أرض الملعب، وثالثة كسرت ما تبقى من كبرياء الخصم، أما الرابعة، فكانت بمثابة التوقيع النهائي على وثيقة الانتصار. أربعة أهداف نقشت اسم الهلال على جدار المجد في تلك الأمسية، وأخرجت المريخ خالي الوفاض يندب حظه العاثر.
مع كل هدف، كانت المدينة تنفجر بدموع الفرح. البعض بكى لأن الهلال فاز، والبعض بكى لأن الوجع تبدد عنه. كان النصر لجماهير الهلال في جوهره، أكبر من المباراة ومصارعة الخصم العنيد المريخ . كان لحظةً تنفسوا فيها الصعداء واستعادوا فرحهم. أما عشاق القلعة الحمراء فقد باتوا ليلتهم والدموع قد تحجرت في عيونهم، لم يخطر لهم على بال أن يخرجوا بهذه الهزيمة الثقيلة والموجعة.. تضاعفت أحزانهم وخرجوا من الاستاد بين غاضب وحزين، لكن بعضهم قالوها:هكذا كرة القدم لابد من رابح فيها والهلال قد ربح بيعه في موقعة الدامر ..
وحين غربت الشمس على ضفة النهر فى دامر المجذوب، لم تغرب كما اعتادت، فقد غربت وهي تصفق للهلال.
شارك عبر:
img
الكاتب

إبراهيم عوض

فريق آكشن سبورت

0 التعليقات

أضف تعليق

سيظهر اسمك وتعليقك فقط للجميع