همس الهتاف
الواثق عبدالرحمن
تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قصة الرجل والمرأة اللذين أظهرتهما الشاشة في الحفل الموسيقي الذي نظمته فرقة تُدعى (كولد براي). فقد كانا متماسكين، الرجل يلف جسده حول المرأة في لحظة غاية في الرومانسية والانسجام العاطفي... ولكن... فجأة أبرزهما الكاميرا... أخفت المرأة وجهها، والتفتت إلى الناحية الأخرى وسلمت الكاميرا ظهرها لا وجهها، وبان على الرجل، الذي حاول هو الآخر الاختباء، ملامح الكسوف والوجل والخوف من شيء ما.
تبين لاحقًا أنها ليست زوجته، وأن حظهما العاثر هو وتلك الحبيبة الغاربة قد أوقعاهما في شر أعمالهما. هو حظ كئيب بلا شك، يذكرني بمقولة سائرة مثلها مثل سائر الأمثال السودانية:
"الشقي يعضي الكلب في المولد"، في المولد حيث تجتمع الحشود، طبول وأماديح، ورحلات التصوف العميق، أكواب الشاي، وأقداح المحبة، وعروسات المولد المتزينات على الأرفف، كما هتف الشاعر الجميل سيد عبد العزيز في رائعة مداعب الغصن الرطيب:
"وأهلة كان نوعن عجيب، من كل لون أخذت نصيب، زادت جمالًا ونضارًا وطيب."
تخيل يا صاحب، في تلك الحضرة يصطفيك كلب عقور من دون خلائق الله جميعًا ويعضيك، الناس في الفرحة وسماحة اللمة وعطر المحبة الصوفية، وأنت في ديتول وشاش، والأم مبرحة.
السترة والفضيحة متباريات، وفي ملاعب كرة القدم أيضًا تظهر جليًا مباراة السترة للفضيحة: أحداث وشكاوى وبمبان، تلاعب بالنتائج وواسطات، وحاجات أخرى حامياني. أذكر، ونحن شباب، أن الزهرة غلبت المريخ فكانت شكوى شكاك الشهيرة، وانهزمنا من أهلي مدني برأسية صلاح الأمين (صلاح بمبان)، فتلاحقت تلك الفضائح الكروية للقمة (بسترة الشكاوى). فاز المريخ على الزهرة وفاز الهلال على أهلي مدني بالقرار وخسروا في الملعب.
ما رشح لاحقًا أن ذلك الرجل وحبيبته، لكل منهما زوج، وهما زميلان في العمل، نشبت بينهما غلائل الحب، ووشائج العشق الممنوع، فغرقا في بحر الخيانة، إلى أن تبدت عورة ذلك الحب الخائن في لقطة الكاميرا العشوائية الطائرة. وهذا تنبيه لكل من يعتقد أن ما يقوم به من أخطاء لن يظهر ولن يتبدى، وكما قال طرفة بن العبد ذات قصيدة - مع تصرف طفيف من عندي وليعذرني طرفة -
ستبدي لك الأيام ما كنت (ناكراً)، ويأتيك ب(الشمارات) من لم تزود...
فهي إذًا مسألة زمن، وفعلاً، السترة والفضيحة متباريات.
هتاف أخير: خلوني أسوقكم معاي مشوار محبة:
سايقاني وين
وأنا ما بريت من لوعة الجرح الصعب
وأنا انتظرتك زي شعاع مندسي في نار اللهب
وأنا كنت داخرك للظروف القاسية حمالة الحطب
فكرة بتمنجه روحًا زي حنة عروس.. مرسومة بنار الدهب
وأنا كنت قايلك بت مجرتقة خاطري ريحانة وعنب
ما ياهو شيطاني البدسك بين عناقيد روحي محراكة شغب
يابِت مودرة نومي شايل الليل قراية.. محاية تبروقة ورتب
درويش بخاجج في الرمال الحافية تعويذة عتب
وأنا كيف أعاتبك والمشاعر قافلة أبواب العتب...
وأنا كيف أسبب لومي ليك.. فتشت ما لقيت لي سبب...
،، واثق،،
0 التعليقات